مهارات البحث
تدوين ومشاركة الملاحظات
- تنظيم المعلومات التي تجمعها من المقابلات والاجتماعات
- تطوير طرق فعّالة وبسيطة لتسجيل وتخزين المعلومات
كيف تقوم بـ:
إذا كنت تعتقد أن عليك طباعة الملاحظات لأنك عقدت بضعة اجتماعات، أنت مخطئ: نحن نعقد اجتماعات لأننا بحاجة إلى ملاحظات. لا يمكن لتحليلنا أن ينبني على أحاسيس انطباعية وملتقطات من الذاكرة، بل على أساس ملموس يمثل المادة الخام لصنعتنا: محاضر المقابلات. بدونها ستبقى مبهماً وضحلاً.
مشاركة هذه المحاضر مع الزملاء له قيمة مضافة خاصة. فمن خلال تداول ملاحظات الاجتماعات بينك وبينهم، الجميع سيتعلم أكثر وأسرع. ستبنون جماعياً ذاكرة مؤسسية، قد تكون المساهمة فيها شاقة لكن الاستفادة منها كمورد لن يقدّر بثمن. كما أنك بذلك ستساعد مديرك على مواكبة جوهر عملك، وبالتالي على دعمك وتوجيهك بشكل أفضل خلال جميع مراحل التغلب على العقبات التي تواجهك أثناء العمل الميداني، وخلال قيامك بتأطير المواضيع، وصياغة تحليلك، وتحرير منتجك النهائي. أخيراً فإن الملاحظات التي تعمّمها على الزملاء ستكون أكثر اكتمالاً وتنظيماً من تلك التي قد تحتفظ بها لنفسك – مما يسهم في بناء أرشيفات شخصية سيكون التنقيب فيها أغنى وأسهل.
تحليلنا مبني على أساس ملموس يمثل المادة الخام لصنعتنا: نصوص المقابلات
قد تبدو كتابة ملاحظات شخصية يقرأها الآخرون فكرة هيّنة، لكنها في واقع الأمر مهارة بحاجة لبعض التدريب لكي تنضج. ثمة أساليب مختلفة يمكن اعتمادها، ويمكن للشخص نفسه تدوين ملاحظاته بأشكال مختلفة في ظروف مختلفة – من المحاضر الحرفية للجلسات الرسمية إلى بضع نقاط تلتقط الضروريات. بعض الأشخاص يشعرون بالإھانة حين تقضي معهم ساعة كاملة من الأسئلة دون الاحتفاظ بأي أثر مرئي لجمیع الأجوبة. البعض الآخر بالعكس، يجدون حرجاً وانزعاجاً، إن لم نقل اشتباهاً، في قيامك بالخربشة بشكل محموم. في حالات أخرى أيضاً، ستضطر في الجلسة نفسها للتبديل بين تدوين حقائق وآراء ومواقف هامة، ووضع القلم جانباً احتراماً لرغبة المحاور الصريحة أو الضمنية في المزيد من التفاعل والحضور. لا توجد سياسة موحدة، وكما يقال الممارسة تصنع الأفضل.
بعيداً عن الممارسة، وهنا بعض النصائح العامة التي تنطبق على معظم الحالات:
- قم بطباعة جميع ملاحظات الاجتماع على الكمبيوتر فور وقوعها. فسرعان ما تستعصي الدفاتر على الفك، إلا إذا كنت صحافياً وتكتب مقالات قصيرة نسبياً وتعتمد على كمية مواد قابلة للمعالجة بسهولة.
- افعل ذلك أولاً بأول. لا تؤخر طباعة المواد المحفوظة في الذاكرة أو المكتوبة بخط اليد، لأنك سوف تنسى الكثير، وسوف تفشل في فك ملاحظاتك، أو ببساطة سوف تختزلها بشدة بسبب استصعاب العودة إلى أشياء متراكمة. (حين تركض من اجتماع لآخر على مدى عدة أيام، يمكنك مثلاً متابعة الأمور عبر إرسال رسائل إلكترونية سريعة لنفسك بين كل اجتماع وآخر، بحيث يمكنك العودة إلى هذه الرسائل في وقت لاحق وتنظيمها والإضافة إليها).
- كن شاملاً، ولا تحصر نفسك بجزئية اللقاء المتعلقة بمراكز اهتمامك المباشر. ستشعر بالكثير من الغبطة في المستقبل حين تقلّب كل تلك المواد التي جمعتها دون أن تكون لديك أية فكرة عن قيمتها.
- حاول إنتاج نص واقعي، يلتقط صوت محاورك بضمير المتكلم وبجمل كاملة، تماماً كما لو كنت تفرغ تسجيلاً صوتياً. هذا سيسهّل عليك استعادة المحادثة، وعلى من يحصل على النص تلمس ديناميكياتها. هذا أيضاً، بكل بساطة، سيجعل القراءة أكثر إمتاعاً.
- لا تشغل نفسك بالصياغة الدقيقة، التي ستضيع بك الأحوال ما لم يكن للاجتماع تسجيل صوتي: ركز على المعنى الذي يمكن نقله بأمانة بكلمات مختلفة. يمكنك أن تأخذ حريتك قليلاً ما دمت حريصاً على عدم تغيير معنى ما قيل لك.
- لكن احرص جيداً على عدم تقويل محاورك ما لم يقله: ما هو شيّق هو وجهات نظره، وليس ما قد ترغب في أن يقوله.
- كن منظماً قدر الإمكان عند طباعة الملاحظات. قد تذهب المحادثات في كافة الاتجاهات، فهكذا يعمل الدماغ والتفاعلات الاجتماعية. لكن لا يمكن الإفادة من نص مكتوب ما لم يكن منظماً بطريقة خطية، بما يشمل عملية ”ترجمة" حتى ضجيج الحياة ينبغي وصفه في الكتابة كخط مستقيم ومستمر. احذف الأشياء التي لا صلة لها بالموضوع، وحرّك بعض أجزاء الحديث من مكان لآخر حين تجد ذلك مساعداً على تكوين سردية، أي جمّع في مكان واحد الجمل التي تدور حول مسألة واحدة، حتى حين تجدها متناثرة في النقاش. من المفيد وضع عناوين فرعية لما يبدو لك انتقالاً من موضوع لآخر. لا يستثني ذلك المزيد من الملاحظات الانطباعية، ولكن هذه شخصية أكثر ولعل مشاركتها هي الأصعب.
- حدد بوضوح الأشياء التي لست متيقناً منها (؟؟؟) لكي يتسنى لك أو لشخص آخر العودة إليها والتحقق منها. ينطبق الشيء نفسه على كل ما يحتاج خلفية أو تفسيراً أو تحليلاً لم يكن مدرجاً في الاجتماع نفسه، فضلاً عن المشاهدات التي قد تضيفها حول أجواء الاجتماع، والتي تعتبر مهمة أيضاً. [من الخيارات وضع صوتك الخاص بين قوسين.]
- حافظ على الحساسيات السياسية وغير السياسية ضمن منظومتك. كقاعدة عامة، حين تشعر أن أسماء محاوريك قد تكون حساسة من المستحسن عدم ذكرها، إلا إذا كانوا مسؤولين وكانوا يتحدثون بشكل رسمي وواضح. مع ذلك، يجب تصنيف المقابلات المجهولة الهوية بما يحيل إلى علاقاتها وصلاتها ويساعد على تذكر أصحابها، كما مثلاً في ”كبار المسؤولين التنفيذيين في القطاع المصرفي في بيروت“ أو ”زعيم عشيرة من البصرة“. حين تعثر في أي وقت على مواد خطيرة بشكل خاص (خاصة ما قد تعتبره هيئة أمنية ”يلزم اتخاذ إجراءات بشأنه“، أو معلومات مخابراتية حساسة للوقت، أو ببساطة معلومات قد تكون محرجة للغاية في حال تسربت) تجاهلها تماماً. من المؤكد أنه لا ينبغي أن تشاركها ولا حتى أن تكتبها. في الواقع، ينبغي التعامل مع جميع الوثائق الرقمية وكأنها منشورة علناً، وهو السلوك الذي سرعان ما يصبح عادة متأصلة.
- ولكن لا تبالغ وتصاب بجنون الارتياب: 99% من ما نسمعه أو نشهده ليس حساساً حقاً!
- أخيراً، العب لعبة طويلة الأمد وتأكد أن ملاحظاتك تنمو لتصبح قاعدة بيانات قابلة بسهولة لأن تعود إليها لاحقاً. يمكن للملاحظات أن تستخدم عدة مرات وأن تكون قيمتها مستمرة بقدر ما تبذل جهداً في تنظيمها وتسهيل تقليبها. من الناحية المثالية ينبغي توسيمها باستخدام كلمات مفتاحية. كحد أدنى، يمكنك تصنيفها بعناوين تساعدك على تنظيم أرشيفك. من الأنظمة البسيطة ولكن الفعالة تسمية الملفات ابتداءً من التاريخ متبوعاً بوصف موجز، على سبيل المثال. ”2016-7-18 مذكرة حول تدوين الملاحظات ومشاركتها“. بكتابة التاريخ بشكل عكسي ستترتب ملاحظاتك تلقائياً حسب الترتيب الزمني، وهي الطريقة الأكثر مباشرة لحفظها. الوصف الظاهر في العنوان سيسهّل عليك مسح العديد من الملفات بلمح البصر.
تأكد أن ملاحظاتك تنمو لتصبح قاعدة بيانات قابلة بسهولة لأن تعود إليها لاحقاً.
يقول المثل ”سبع صنايع والبخت ضايع“. حسناً، حين تأخذ الملاحظات بشكل جدي ستثبت أنه مثل خاطئ. ستحتفظ بكمية كبيرة من مواد كان يمكن لها أن تضيع. بشرط واحد: احتفظ بنسخة احتياطية!
18 تموز/يوليو 2016
Choral prelude “Der Tag der ist so freudenreich”
by Johann Sebastian Bachnk on Wikipedia / public domain