السعي نحو معلومات أفضل
من داخل مواقع الإعلام اللبنانية
سيمون مانخون
قررنا أن نبيّن لمن هم مثلنا كيف تبدو الحياة في هذا البلد
غير أنّ أكبر تحدٍّ يواجه جميع وسائل الإعلام الناشئة هو تحدٍّ عمليٌّ للغاية، ألا وهو المال، فأغلب مصادر التمويل شحيحةٌ وغيرُ مستقرة لدرجة أنّ فكرة النموذج الاقتصادي المستدام هي شيء صعب المنال. يأخذ الجمهور على نحو متزايد المعلومات المجانية كأمر مسلَّم به، وهو ميلٌ يساهم في التراجع الكبير للصحف اليومية التقليدية. لخّص الأزمةَ صحافيٌّ سابق في L’Orient-Express وهي مجلة لبنانية كانت تُنشر من عام 1995 إلى عام 1998، بقوله: "في الستينات، بيعت مئة ألف صحيفة كلّ يوم، مقابل خمسة عشر ألفاً اليوم. لا يستثني هذا التراجعُ الوسائطَ الرقمية نظراً لصعوبة تأمين الاشتراكات عبر الإنترنت."
لا يرى هذا الصحافي في الإعلانات حلاً لهذا التراجع ، فيقول: "سوق الإعلان في لبنان ضعيف جداً، وليس أمام الصحف اليومية في نهاية المطاف من خيار سوى الاعتماد على المال السياسي." تهيمن القنوات التلفزيونية التقليدية على قطاع الإعلان، إذ يشاهدها الجمهور اللبناني لأكثر من أربع ساعات يومياً في المتوسط؛ وذلك وفقاً لمسح أجرته شركة Ipsos-Nielsen عام 2017، وتستحوذ على ما يقرب من نصف الأموال من سوق يُقال إنه يتقلص عاماً بعد عام. في هذا السياق، تفتقر وسائل الإعلام الصغيرة إلى أي سبيل لجذب الشركات الكبيرة، وحتى مصادرُ الدخل الحزبيةَ تتضاءل وفقاً لأيمن مهنا، المدير التنفيذي لمركز SKeyes الكائنِ في بيروت، فيقول: "تعتمد معظم الصحف والقنوات التلفزيونية اللبنانية على صلاتها المتينة بعالم السياسة، غير أنّ هذه الرعاية آخذة في التضاؤل إذ لا يتقاضى الصحافيون العاملون في وسائل الإعلام التقليدية هذه رواتب منتظمة."
هناك رغبة متزايدة للنشر تفوق الرغبة في القراءة
تعتمد وسائل الإعلام الناشئة في الوقت الراهن اعتماداً كبيراً على التفاني الكبير لقضيتها. تسعى جميع المبادرات للحصول على تمويل مستدام، بيد أن معظمها لا يستطيع تغطية نفقاته في الظروف الراهنة، وغالباً ما تعتمد بدلاً من ذلك على العمل المجاني وأشكال أخرى من الدعم التطوعي لتعويض التدفق الشحيح للإيرادات. يعتمد كثير من رواد الإعلام على مدخراتهم الشخصية أو يستفيدون من شبكات أسرهم أو يستمرون في مزاولة وظيفة مأجورة لا صلة لها بمهنتهم لكي يتمكنوا من تغطية النفقات؛ منتظرين أن يحالفهم الحظ في فرصة لا تأتي دوماً. يتذكر مؤسس صحيفة Outpost إبراهيم نعمة ذلك قائلاً: "لقد أنفقتُ أموالي على الصحيفة في بادئ الأمر، ثم حصلنا على بعض الإعلانات لكنها لم تفِ بالغرض، كما أطلقنا حملة تمويل جماعية، لكننا لم نتمكن من إيجاد نموذج مستدام في نهاية المطاف." لاقتِ الصحيفة قبولاً ورواجاً واسعين رغم استحالة تحصيلها للمال.
لقد حققنا نجاحاً كبيراً، لكنّ الجوائز لا تدفع الفواتير
فيسبوك هو ناشر، لكننا لا نلتقي به مطلقاً ولا يمكننا الوثوق به
ركزنا على الطبقة المتوسطة العلمانية الليبرالية؛ أي على أنفسنا بعبارة أخرى؛ لكن الآخرين يهموننا كذلك!
15 تشرين أول / أكتوبر 2018