مهارات الكتابة
إِغلب المحرر في لعبته
- تحرير كتابتك بنفسك
- فهم طريقة تعامل المحرّر مع نصّك كي يطوّره إلى المرحلة التالية
كيف تقوم بـ:
يتم تحرير أي نص على جولات، كل منها يأخذ المستند خطوة واحدة نحو المستوى التالي. قد يبدو الأمر أحياناً أشبه بلعبة دونكي دونغ، مع محرّر غاضب يرمي عليك براميل ديناميت لإبقائك في الأسفل. غير أن العدوّ في الحقيقة هو «أنا» الكاتب إياه، بينما مجموعة السلالم والمستويات هي عملية التحرير – المسار الذي لا بدّ أن يصعده النص للوصول إلى القمة. يمكن للكتّاب أن يتحسّنوا فقط من خلال اللعب مراراً وتكراراً. سيتخرجون إلى المرحلة التالية حين يقومون بطبقة تحرير ذاتي بدل إحالتها إلى طرف ثالث. للقيام بذلك، ينبغي أن يضعوا أنفسهم مكان المحررين، أن يستوعبوا منطقهم، وأن يتقنوا فنهم.
لمنحنى التعلم هذا فضيلة إضافية تتمثل في تحرير الكاتب والمحرّر من جولات الذهاب والإياب الأولى المرهقة، والتي تستهلك الكثير من الطاقة وتسبب الإحباط غالباً للطرفين. أدناه صفوة محتويات كل من مستويات عملية التحرير الدقيقة، لتوضيح ما يحدث بالضبط في كل منها.
التجربة المجانية
الكتابة تمرين جيد دائماً، لكن بعض النصوص لا تكون جاهزة لمشاركتها مع أي شخص – ناهيك عن شخص يُتوقَّع منه تحسينها. المستند غير المؤهل لدخول لعبة التحرير يفتقر لإحدى هذه المكونات الأساسية:
- عنوان مرحلي، يصرّح بما يوشك القارئ على قراءته؛
- حد أدنى من الشكل، ولا سيما إطار أولي يوضّح نية النص، بالإضافة إلى استنتاج من نوع ما – بعبارة أخرى، بداية ونهاية؛
- العرض النقي والمخلص، وهو الحد الأدنى من الكياسة تجاه من تشارك القطعة معه.
عندما يتلقى المحررون خربشات تفتقر إلى أي من هذه المكونات، من حقهم إعادتها كما هي إلى الكاتب. يمكن النظر لذلك بطريقة إيجابية عبر تذكّر أن ترشيح النص لا يتطلب الشيء الكثير رغم كل شيء.
المستوى 1
سيكون من الضارّ في هذه المرحلة المبكرة التركيز على اللغة. الهدف الآن مساعدة الكاتب على تحديد ما يريد قوله بالضبط، وليس قول ذلك بالنيابة عنه. إن «التعديلات» – بمعنى تغيير الكلمات والجمل – تصرف الانتباه عن تلك العملية. لذلك فإن أكثر ما يجدي في هذه المرحلة المبكرة طرح الأسئلة: ماذا قصدت بهذا؟ ما الذي جعلك تقول ذلك؟ هل فكرت في تلك العبارة المضادة؟ ألا يتناقض ذلك مع نقطتك السابقة؟ هل يمكنك دعم حجتك العامة بأمثلة؟ وهلمّ جرّاً. عبر قائمة من الاستفسارات المدروسة بعناية، المكتوبة أو المنقولة شفهياً، يمكن للمحرّر مساعدة الكاتب على توضيح وتطوير وتنظيم عملية التفكير الخاصة به. المستوى 1 إذا جاز التعبير هو مستوى استخراج الكاتب من جعبته.
غالباً ما يكون العدو الحقيقي هو أنا الكاتب نفسه
هذه المرحلة هي أيضاً مرحلة ظهور الحجّة الجامعة، بالإضافة للمزيد من التفصيل والعملانية في الخطوط العريضة، بما يعكس التسلسل المنطقي للأفكار المستمدة من الإجابات على الأسئلة المذكورة. بعبارة أخرى، يجب الانطلاق من صياغة هيكل متين، بدونه ستعاود المشاكل نفسها الظهور في المسودات اللاحقة، ما سيبقى النص عالقاً في المستوى 1.
المستوى 2
- تجميع الأفكار المترابطة المبعثرة في أجزاء مختلفة من النص ضمن نفس الفقرة أو القسم. من شأن ذلك إزالة التكرار أولاً، ولكن أيضاً توضيح وترسيخ النقاط الأساسية قيد العرض؛
- فصل فكرتين أو ثلاث أفكار متمايزة تم دمجها في نفس الفقرة، مع منح فقرة خاصة لكل منها. ستؤدي المباعدة بينها إلى إلقاء الضوء على الأهمية المحددة لكل منها؛
- إجلاء أي ضبابية متبقية حول هذه الأفكار، مع بيان كل منها بوضوح في بداية الأقسام أو الفقرات المفردة؛
- استيفاء كافة المواد اللازمة لشرح وتوضيح وبيان الفوارق الدقيقة لعبارات كهذه، وبالتالي تحديد كل ما لا يزال مفقوداً – كالمصادر – لـ«توضيح النقطة»؛
- أخيراً، تمييز التحولات المنطقية من أحد هذه التسلسلات إلى ما يليه
تضم هذه العملية الكثير من عمليات القص والتحريك الموجودة أصلاً في النص، قبل إعادة خياطة القصاصات المختلفة مرة أخرى، ومن هنا يتشكل نص جديد أسلس. يمكن لكتابة العناوين الفرعية لكل قسم (والتي يمكن إزالتها لاحقاً إذا لزم الأمر) أن تشكل ركائز يمكن للمحررين الإفادة منها لتعقّب أيّ قصقصة لازمة وفي أي اتجاه، كما ستلقي الضوء على كيفية ربط مختلف الأجزاء المتحركة للنص مع بعضها البعض في نهاية المطاف. في نهاية هذه المرحلة، سيكون كل عنصر من عناصر النص في مكانه المناسب وترتيبه الصحيح. يلي ذلك وضع اللمسات الأخيرة.
مستوى المعلّم
هذه المرحلة الأخيرة هي الأقرب مما يرغب معظم الكتاب اختزال التحرير إليه: قطع كلمة هنا، اقتراح تغيير هناك، والتأمل والانبهار بجودة العمل. قد يتولّى الكتاب المتمرّسون خوض الجولات الأولى من اللعبة، مصحّحين عثراتهم طوال الرحلة، وصولاً إلى حطّ الرحال على الشواطئ الذهبية لتحرير اللمسات الناعمة. لكن لا يندر أن يتوقفوا قبل الوصول بفترة طويلة. على أية حال، المرحلة النهائية دائماً أكثر صرامة من مجرد تمشيط لطيف. ومن المحتمل أن تتضمن:
- إزالة أي صوت مبني للمجهول (كما في «النص كُتب من قبل الكاتب» فتصبح «الكاتب كتب النص»)؛
- استبدال الأفعال الضعيفة بأفعال أقوى (مثلاً «غمغمت، صاحت، تنهدت» مقابل «قالت»)؛
- الاستعاضة عن اللغة المعقدة بلا داعٍ بكلمات أبسط، حيثما أمكن؛
- إزالة أية كلمات نافلة – الصفات والظروف الزائدة هم المشتبه بهم المعتادون؛
- تشذيب الفقرات – التي لا ينبغي أبداً أن تطول أكثر من عشرة أسطر، كقاعدة، حيث الإيجاز أساسي لضمان الانسياب الكلي للقطعة؛
- ضمان استخدام التشابيه بشكل لائق وبصير؛
- اللمسات الأخيرة على العناوين والعناوين الفرعية
النصوص العظيمة هي نتاج عملية التحرير، والكتابة هي بمثابة مدخلها الضروري
تقول وجهة النظر التقليدية إن النصوص العظيمة حصيلة لعملية كتابة يلعب فيها التحرير دوراً ثانوياً. حقيقة الأمر مختلفة تماماً: فالنصوص العظيمة هي نتاج عملية التحرير، والكتابة هي بمثابة مدخلها الضروري. لدى الكتاب الذين يشعرون بأن طبقات التحرير تسلبهم نصوصهم حل مثالي لاستعادة الملكية التامة: أن يصبحوا هم محرّرين.
15 تشرين الأول/ أكتوبر 2017